اسمي نغم الشومري، وُلِدتُ في سوريا في خريف عام 1984 و أعيش حاليّاً في فرنسا.

لَطالَما أحبَبتُ الخريف، فصل التَّخلّي، و شعرتُ بأنّهُ يُشبهُني.

كُنتُ أعتَقدُ سَابقاً بأنَّ رحلَتي تدورُ حولَ ماذَا سَأصبحُ، لَكنَّني أدرَكتُ فيمَا بَعد بأَنَّها رِحلَةُ التَّخلّي عن كُلِّ ما كُنتُ قَد أَصبَحتُهُ و لَيسَ أنا. حينَها اِبتَدأَت رحلَتي الحَقيقيّة.

بدايَةُ الحكاية، في يَومِ ميلادي السّادس و الثلاثون في سنة 2020. وُلِدَت حيرةٌ لم أعهَدها في داخلي، دعوةٌ داخليّة، نداءٌ لم أفهم ماهيّتَهُ حينَها. دعوةٌ للبَحثِ عن شيٍ ما، شيءٍ لا أعلَمُه، لا يتواجدُ في عالَمي، لم يسبق لي أن لامَستُهُ. لكن أَدركتُ حينَها أنّ بوصلتي الدّاخليّة كانت تهتز، تومضُ لي، تُنبِئَني ببدء رحلةٍ ما …

غَفَوتُ ليلَتَها بإدراكٍ تامٍ لتلكَ الرّغبة، و ذاكَ كان صوتُ القلب و نداءُ الروح.

مَضَت عدّةُ أعوامٍ على هذا، مَرَرتُ خلالها بالكثير. ذهَبتُ عميقاً في داخلي. تَنقّلتُ على خطوطِ الزَّمن، رُجوعاً إلى الماضي، قفزاً إلى المستقبل. حلّقتُ مرّاتٍ عدّة لألامسَ قمماً شاهقة لم أختبِرها سابقاً، و انحدرتُ لألامس قيعانَ سحيقة لم أكن أيضاً أدري بوجودها سابقاً. اِختَبرتُ سطوعَ نورٍ لم أغتَسل بطُهرهِ من قبلُ، كَما عبَرتُ دروبَ ظلامٍ لم أعرف حِلكَتها من قبل. هَدمتُ و بنَيت. عَرَفتُ الموتَ و الولادةَ مرّاتٍ عدّة. ودَّعتُ و استَقبَلت. و لا زِلتُ أكملُ تلكَ الرّحلة الدّاخليّة و التي أَعلَمُ أنَّها لن تنتهي، و أَعلَمُ أَنّني في كُلِّ خُطوةٍ أخطوها، صعوداً أم هبوطاً، في كُلِّ خُطوة، أنا أرحلُ إلى ذاتي، إلى حقيقتي. و أُدركُ بعمقِ العَارفِ أنَّهُ لَا مَناصَ من هذا العُبور لأَنتمي إلى ذاتي من جديد …

و أَنا هنا، لأُشارِكَ معكُم وَمَضَاتٍ من نور من هذه الرّحلة